المغرب يقترب من التفوق على جنوب إفريقيا كأكبر منتج للسيارات في إفريقيا

 المغرب يقترب من التفوق على جنوب إفريقيا كأكبر منتج للسيارات في إفريقيا
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 4 غشت 2024 - 12:05

يبدو أن التوقعات المغربية المتفائلة بشأن تحقيق قطاع السيارات لصادرات قياسية مع نهاية السنة الجارية لم تكن مبالغة، إذ تبدو المؤشرات الحالية جميعها لصالح المملكة من أجل أن تصبح بنهاية العام الجاري أكبر قاعدة لإنتاج السيارات في إفريقيا، متجاوزة جنوب إفريقيا التي تواجه مصاعب في جذب المزيد من الاستثمارات بسبب بيئة التشغيل غير المواتية في البلاد، ومصاعب قطاعي التجارة والنقل.

وما يعزز هذا الطرح هو أن صادرات المملكة المغربية من قطاع السيارات شهدت ارتفاعاً مهماً في الربع الأول من سنة 2024 بنسبة بلغت 13 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2023، مما يعطي إشارات إيجابية بشأن إمكانية تسجيل رقم قياسي من الصادرات في هذا القطاع مع نهاية العام الجاري. وقد أكّد مكتب الصرف المغربي في وقت سابق أن صادرات قطاع السيارات تواصل تفوقها على الصادرات المغربية من الفوسفاط بأكثر من الضعف، متوقعاً أنه بحلول نهاية سنة 2024 يكون قطاع السيارات قد أكمل عقداً كاملاً من هذا التفوق، بعدما كانت أول مرة تجاوز فيها قطاع السيارات قطاع الفوسفاط هي سنة 2014.

هذه الدينامية التي يشهدها قطاع إنتاج السيارات في المملكة تجعل المغرب المرشح الأبرز ليصبح أكبر منتج للسيارات في إفريقيا خلال العام الجاري 2024، متجاوزاً جنوب إفريقيا، التي كانت أكبر منتج للسيارات في القارة منذ عقود طويلة، بسبب الأداء اللوجستي الضعيف وزيادة وارداتها من السيارات في عام 2024، مقابل واقع الاستثمار المستمر في صناعة السيارات في المغرب الذي سيدعم نمو الإنتاج المحلي، وخاصة مشاريع السيارات الكهربائية.

من المتوقع أن يصل إنتاج السيارات في المغرب (مركبات الركاب والمركبات التجارية الخفيفة) إلى أقل من 614,000 وحدة في عام 2024، بينما سينخفض إنتاج السيارات في جنوب إفريقيا (مركبات الركاب والمركبات التجارية) إلى 591,000 وحدة، وفق المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة في البلد، مما يؤشر على تفوق المغرب في هذا القطاع بشكل غير مسبوق في تاريخ البلدين.

بات تطوير بطاريات الشحن للسيارات الكهربائية ضمن أولويات المغرب، خاصة وأنه سيتم منع بيع السيارات التي تعمل بالديزل والطاقة التقليدية في أوروبا بحلول 2035، ما يجعل المغرب واثقاً بمراهنته الكبيرة على صناعة السيارات الكهربائية سريعة التطور في البلاد إذ ينتج حالياً 700 ألف سيارة سنوياً، يصدر نصفها إلى الخارج، بينما تهدف الرباط إلى زيادة الإنتاج ليصل إلى مليون سيارة بحلول 2025، وفق تقديرات وزير الصناعة والتجارة رياض مزور.

في نوفمبر 2021، اقترحت الحكومة المغربية تخفيض رسوم الاستيراد على خلايا الليثيوم أيون من 40٪ إلى 17.5٪ لتعزيز التجميع المحلي لبطاريات Li-ion باستخدام الخلايا المستوردة من شرق آسيا، ما جعل هذا الإجراء مفتاحاً لصعود المغرب لنادي عمالقة تصنيع وسائل النقل الخضراء. يسعى المغرب لتوسيع نظامه البيئي الخاص بالسيارات ليشمل التصنيع المحلي لبطاريات Li-ion، التي تمثل 30٪ إلى 40٪ من تكلفة متوسط السيارة الكهربائية.

بالمقابل، قال تقرير صادر عن "فيتش سولوشن" Fitch Solution، الرائدة في البيانات والأبحاث والتحليلات التي تركز على مخاطر الائتمان وإستراتيجيات الأعمال، إن إنتاج المركبات في جنوب إفريقيا لن يبقى جامداً أمام الصعود المغربي، فقد يستعيد زمام المبادرة في عام 2025، لكن التوقعات طويلة الأجل تفيد بأن إنتاج المركبات في البلاد سيواجه ضغوطاً مستمرة بسبب المخاطر اللوجستية والسياسية ومخاطر الانبعاثات خلافاً لحالة الارتياح المغربي.

يبقى المغرب وجهة الاستثمار المفضلة للسيارات نظراً لقربه من الاتحاد الأوروبي واتفاقيات التجارة القائمة والبنية التحتية اللوجستية الفعالة، وهي مؤشرات ستلعب لصالحه بقوة خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تربطه بعدد من الدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا الشريك التجاري الأول، الذي ستشهد علاقاته معه تطوراً ملحوظاً في الأشهر المقبلة بفضل الاعتراف الأخير بمغربية الصحراء والتقارب السياسي والاقتصادي، وكذلك إسبانيا الشريك الاستراتيجي، وألمانيا، وبريطانيا.

استمرار نقل سلسلة توريد السيارات الأوروبية إلى المغرب سيكون أيضاً حافزاً قوياً للمغرب، بحسب التقرير ذاته، الذي أشار إلى تطوير المملكة لسلسلة توريد السيارات الكهربائية المحلية، وقوة العمالة المحلية الماهرة، فضلاً عن الاهتمام الاستثماري القوي من قبل الشركات المصنعة للمعدات الأصلية الصينية (OEMs) التي تتطلع إلى الاحتفاظ بالوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي، والتنزيل الجيد لميثاق الاستثمار الجديد، ومساعي الدولة إلى إعطاء زخم ودفعة قوية لهذا القطاع بوصفه ركيزة اقتصادية لتحريك عجلة التنمية في البلاد. هذه جميعها شروط من شأنها أن تساعد في الحفاظ على النمو القوي لصناعة إنتاج المركبات في المملكة خلال الفترة 2024-2033، بحيث يصل متوسط نمو إنتاج المركبات في المغرب سنوياً إلى 6.8٪ على أساس سنوي حتى عام 2033، ليصل إلى حجم إنتاج سنوي يبلغ 1.09 مليون وحدة.

شرع المغرب في توسيع التجارة في إفريقيا من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة من خلال اتفاقيات التجارة الحرة (FTAs)، والشرق الأوسط، وهو العامل الذي من شأنه أيضاً أن يساعد في تخفيف المخاطر على منتجي المركبات المحليين. يستمر المغرب في الاستثمار في توسيع قدرته التصديرية من خلال البنية التحتية للموانئ والسكك الحديدية، مما سيخفف من مخاطر الخدمات اللوجستية لمنتجي المركبات المحليين طيلة السنوات المقبلة.

على النقيض من المغرب، ستواجه جنوب إفريقيا مصاعب بالجملة فيما يتعلق بجذب المزيد من الاستثمارات على المدى المتوسط بسبب بيئة التشغيل غير المواتية في البلاد والناتجة عن الانبعاثات الغازية وتراجع العمالة والتجارة، فضلاً عن مخاطر النقل. كل ذلك في خضم ارتفاع التفاؤل بشأن قطاع صناعة السيارات في البلاد مع "حكومة الوحدة الوطنية" (GNU)، الذي على ما يبدو تفاؤلاً غير معقول، خاصة في ظل الأداء الضعيف للموانئ والمنافسة المتزايدة من شركات تصنيع المعدات الأصلية الصينية والهندية (محلياً وعالمياً)، التي ستثبت أنها من الصعب التغلب عليها لإنتاج المركبات المحلية.

تشير التوقعات الرسمية التي اطلعت عليها "الصحيفة" إلى أن متوسط نمو إنتاج المركبات في جنوب إفريقيا سيبلغ 0.9٪ سنوياً فقط خلال الفترة 2024-2033، ليصل إلى حجم إنتاج سنوي يبلغ 687,000 وحدة. سيتم تعزيز الرياح المعاكسة للاستثمار في جنوب إفريقيا من خلال سياسات مثل آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي (CBAM) بسبب اعتمادها على الفحم لتوليد الطاقة وموقعها الجغرافي، مما يزيد من انبعاثات النقل للصادرات إلى أوروبا، فضلاً عن تحول الكهربة البطيء في البلاد. هذه جميعها عوامل تلعب لصالح المغرب، إذ بات إنتاج المركبات في جنوب إفريقيا في هذه الحالة أقل قدرة على المنافسة.

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...